رأى الحاج احمد الجنید، ان استشهاد الحاج قاسم سليماني، والحاج أبو مهدي المهندس، أظهر إلى الوجود ثقافة استثنائيّة تحمل في طيّاتها عبق الشهداء، وزفرات العاشقين، وأصدق الكلمات الولائيّة المتوهّجة بنور الإخلاص والاستقامة.
وكالة مهر للأنباء - زينب شريعتمدار: نعيش هذه الأيام ذكرى يوم النصر العظيم الذي حققه القائد قاسم سليماني مع رفيقه الذي رافقه في المعارك الطاحنة كما رافقه في عروجه الى السماء و شاءت الأقدار أن يتشابك لحمهما و دمهما كما تشابكت روحيهما وهوالشهيد أبو مهدي المهندس رحمهما الله.
تقترب عقارب الساعة لذكرى فاجعة العصر الاليمة، وتخفق القلوب حزناً، وتضطرب العقول ذهولاً، وتجري المدامع دموعاً، إنها ذكرى الارتقاء الى السماء لسيد شهداء محور المقاومة الشهيد الحاج قاسم سليماني ورفيق دربه وحبيب عمره مهندس الانتصارت الشهيد الحاج ابو مهدي المهندس رضوان الله تعالى عليهما.
وفي هذا الصدد وضّح الحاج "احمد الجنید"، في حواره الخاص مع مراسلة وكالة مهر للأنباء حول ذكری اغتيال اللواء الشهيد قاسم سليماني، عدّة نقاط وتوجيهات وأولويّات تحمل بين طيّاتها عبق الشهادة والنبل والشهامة للشهيدان كان اهمّها مايلي:
** ثقافة الحاج قاسم سليماني
اكد الحاج احمد الجنید، ان الثقافة التي رسّخها الحاج قاسم سليماني في قلوبنا هي ثقافة المحبة، وهذه المحبة ليست حصريّةً لمذهب ولا لطائفة معينة، بل هي للجميع، واستطيع ان ااكد لكم انه اينما تواجد الحاج قاسم رحمة الله وُجدت المحبة، وكأنّما الله صباحنة وتعالى خصّها لشخصه وانزلها عليه دون البشر.
كان الحاج قاسم بالنسبة لنا اباً عطوفاً رحيماً سنداً في الدنيا، فقد كان يعاملنا كابناءٍ له، فبوجوده لم نكن نشعر بيتمٍ او ضعفٍ او ذلٍ او هوان
واشار الحاج احمد الجنید، الى ان السيد القائد دام ظله الشريف اطلق على شيعة سوريا صفة "أيتام آل محمد"، وكان الحاج قاسم بالنسبة لنا اباً عطوفاً رحيماً سنداً في الدنيا، فقد كان يعاملنا كابناءٍ له، فبوجود الحاج قاسم قاسم سليماني لم نكن نشعر بيتمٍ او ضعفٍ او ذلٍ او هوان، عندما نواجة اي مشكلة حقيقية ولم يتسطع احد حلها كنا نتوجّه الى الحاج قاسم سليماني مباشرة دون اي تردّدٍ او خوف، وقد كان يحل جميع مشاكلنا، فقد كان الحل الاخير بالنسبة لنا، فبوجودة لم نكن نشعر باليتم او العجز.
واضاف " كان اباً لجميع الشيعة الموجودين، وعندما كان موجودا فقد كان هناك املاً كبيراً لحل جميع المشكلات المستعصية حتى وان كانت على المستوى الاجتماعي او العسكري، فقد يكون موجود في الحال ".
** شخصية سليماني " اسرار "
قال الحاج احمد الجنید، انه من خلال علاقتي بالحاج قاسم سليماني رحمه الله، وما جمعني معه من الساعات الطويلة، فلم ارى ولا مرة عليه نظرة انزعاج او غضب على وجهه المبارك، فقد كان سلوكه مع الاصدقاء سلوك محبة وحتى مع الاعداء سلوك رحمة.
وتابع " كنت اذكر انه في ليلة من الليالي عندما كنا في نبّل كنا في السيارة، بعد فك الحصار، رأى الشهيد سليماني مجموعة من الاطفال بجانب الطريق، وكانت علامات قسوة الحصار وظلم الحرب واضحةً على وجوههم، وعلامات الفقر بارزة في عيونهم، فما كان من الحاج عندما رآهم الا ان طلب من السائق ان يوقف السيارة، ووزّع على الاطفال الحلويات والاطعمة وكان يطعمهم بيدية الطاهرتين ".
واشار الى ان الحاج قاسم سليماني لم يفرّق بين الشباب الفاطمي وشباب الجيش وشباب سوريا، فقد كانوا جميعاً في نظره اخوة مجاهدين في سبيل الله، فكان يعاملهم جميعا بنفس الطريقة، فلم ينظر الى جنسية المجاهدين ولم ينظر الى طوائفهم بل كان ينظر لهم على انهم اخوة، فكان وجودة دعم معنوي لكل المجاهدين ولكل الاخوة بغض النظر عن جنسيتهم.
** اهتمامات ووصايا الحاج سليماني
قال الحاج احمد الجنید، الحاج قاسم سليماني كان يتابع بنفسه ادقّ التفاصيل في العمل وبشكل مباشر، وكان دائماً يوصي بالجانب الاجتماعي والاهتمام بالناس والفقراء وعوائل الشهداء، وكان على اتصال دائم معهم ومعنا، وكان يسألنا على الدوام باحتياجاتهم وطلباتهم ومشاكلهم ومعاناتهم، فقد كان كثير الاهتمام بهذا الجانب، وقد طلب منا ان نبني بيوتاً لاهالي نبّل والزهراء للذين فقدوا بيوتهم بشكل مجاني وبدون اي مقابل.
وتابع، " نحن بناءً على توصيات وتوجيهات الشهيد بدأنا البناء في نبّل والزهراء، والى حد الساعة تم تسليم 18 شقة لعوائل الشهداء وللمحتاجين الذين ليس لديهم منازل يسكنون فيها، وسنستمر في هذا المشروع الى ان يتم تسليم جميع عوائل الشهاداء المحتاجين بيوتاً اوشققاً "، فدائماً كانت وصايا الحاج سليماني هي السعي لخدمة الفقراء وعوائل الشهداء والمجاهدين وجميع البشر.
كلماتنا وعباراتنا وجملاتنا مهما طالت او قصرت فلن تعبّر او ان تعطي الصورة الصحيحة عن الحاج قاسم او ان تعطي هذا الرجل حثه، فالحاج كان شخصاً متواضعاً ومتديّناً ورؤوفاً وعطوفاً ونورانياً وصاحب ذكاءٍ من نوعٍ خاص
واردف قائلاً: " لقد التقيت بالشهيد البطل ابو مهدي المهندس مرة واحدة في دمشق، اما بالنسبة الى التوفيق، فعندما ترين بعض الصور وترين مدى المحبة والالفة التي كانت تجمعهم، نستطيع ان نشفّ وان نستخلص شيء من سر التوفيق الالهي للشهيدين البطلين ".
واكد الحاج احمد الجنید، كانت الصلاة من اكثر اهتمامات الحاج قاسم سليماني، فاذكر انه في منطقة نبل والزهراء كان الشهيد سليماني يتابع خطوط التماس بشكل مباشر، وكانت تفصلنا بين خطوط التماس والمدينة ما يقارب 6-7 كيلومتر، وعندما خرجنا من خطوط التماس حل وقت الظهر واتى وقت الصلاه، فطلب الحاج قاسم من السائق الوقوف لتأدية فريضة الصلاة، فقلت له انه لا يفصلنا عن المدينة سوى 7 دقائق فقط، فقال "لا، ان احب الاعمال الى الله الصلاة على وقتها "، فتوقفنا وصلينا على الفور، ورفض تأجيل وتأخير الصلاة لخمس دقائق.
ووضّح الحاج احمد الجنید، ان كلماتنا وعباراتنا وجملاتنا مهما طالت او قصرت فلن تعبّر او ان تعطي الصورة الصحيحة عن الحاج قاسم، فالحاج كان شخصاً متواضعاً جداً ومتديّناً جداً ويسعى الى خدمة الناس وصاحب ذكاءٍ من نوعٍ خاص، وكان يمتلك القدرة على فهم الاخرين يشكلٍ سريع، وكان يمتلك من الكاريزما ما كان يجعل من يقابلة او يسمع باسمه ان يقف احتراماً له ولما قدّمه.
واشار الى ان الحاج قاسم كان حريصاً على شيعة سوريا ( نظراً لعددهم القليل )، وكان الشهيد سليماني كلما رآني اقاتل في خطوط التماس الامامية كان يقول لي " انا اطلب منك يا اخي ان لا تأتي الى خطوط التماس الاولى "، وكان جوابي له " يا حاج حفظك الله، اين انت الان؟ ألست ضمن الخطوط الاولى ( خطوط التماس مع العدو )؟، هل من الممكن ان تكون روحي وجسدي اهم واغلا من روهك وجسدك؟، ماذا اكون مقارنةً بك؟، انت الذي يجب ان لا ياتي الى الخطوط الامامية ".
** ذكريات سليماني
قال الحاج احمد الجنید، ان الحاج قاسم حفظه الله بعد فتح طريق نبل والزهراء، كان مرة يريد ان يقوم بجولة عند خطوط التماس، وهنا كان يوجد قرار ان نوسّع المنطقة بغية ابعاد الخطر عن نبل والزهراء، فوصلنا الى مكان معين بعيد عن خط التماس بحوالي 2-3 كيلومتر، وقال لي يجب علينا ان نذهب الى تلك التلّة، وكانت تلك التلّة تبعد عن عناصر وقواعد جبهة النصرة ما يقارب 300-400 متر فقط، فمسؤول الاطلاعات وجمع المعلومات طلب مني ان لا انصت الى كلام الحاج قاسم حرصاً على سلامة الحاج قاسم سليماني (ولكن قالها لي مسؤول الاطلاعات وجمع المعلومات بصوت خفيف لكي لا يسمع الحاج قاسم الحوار الذي يدور بيننا )، فذهبت الى الحاج قاسم سليماني وقلت له " يوجد هناك خط التماس مباشر مع العدو ويوجد خطر محدق في تلك المنطقة ولا يجب علينا ان نتحرك صوب تلك المنطقة "، فعرف حينها الحاج قاسم ان هذا ما كان يطلبه مسؤول الاطلاعات وجمع المعلومات، فقال لي "اين هي سيارتك "، فقلت " ها هي هنا "، فقال لهم "انتم ابقو هنا، وانا والحاج احمد سنقوم بامر سريع ونعود "، وعندما ركبنا السيارة قال الحاج قاسم سليماني لي " لا تنصت لهم، اتّكل على الله، هيا فلتنتحرّك "، فوصلنا الى المكان الذي يريده وجلس عنده، ورآى خط الجبهة ورجعنا الى المعسكر.
واكد ان الحاج قاسم كان بعد فتح طريق نبل والزهراء كان يسأل عن اوضاع وأحوال الناس، وقال لي ذات مرة نحن يجب علينا ان لا نجعل الناس ينتظرون المساعدات والمعونات بل يجب علينا ان نجعلهم اناس منتجين، وان نجعلهم يحصلون على قوت يومهم من عرق جبينهم، وقال يجب علينا ان نجعل هذه المنطقة شبيهةً لسويسرا، وفعلاً بدأت اعادة اعمار المنطقة، وتم اعادة الخدمات لها، وتم بناء مشفى خاص للمنطقة وقمنا بتزفيت الطرقات وفتح فرص عمل للاخوة المجاهدين الذين يحتاجون للعمل، وبذلنا جهداً كبيراً في موضوع التعليم، وموضوع الدراسة في جامعات الجمهورية الاسلامية الايرانية.
واشار الحاج احمد الجنید، الى ان كل هذه الاصلاحات واعادة الاعمار كانت بطلبٍ من الحاج قاسم مباشرةً.
وذكر الجنید، انه في احدى الايام كنا مشاركين في حرب تحرير تدمر وكنا متجهين صوب البوكمال، فالتقينا بالشهيد في تدمر وسمع من الاخوة عن نيتي في الذهاب الى الجمهورية الاسلامية لعمل بعض الفحوصات الطبيّة التي تتعلق بالقلب، فقال لي لماذا لم تقل لي هذا من قبل، ولماذا تأخّرت، فقلت بسبب العمل لم استطع الذهاب الى ايران لاجراء الفحوصات المطلوبة، فقال جملةً لن انساها ابداً، قال لي " قلبكم قلبي، اذا كان قلبك مريض فقلبي مريض "، يجب عليك ان تترك العمل وتذهب الى ايران وتتعالج وترجع، وتابع " هذه الجبهة مفتوحة حتى ظهور القائم عجّل الله تعالى فرجه الشريف عندنا عمل، وعملنا القادم هو اكبر من العمل الذي نقوم به في الوقت الحالي.
هذا هو الحاج قاسم "شخص استثنائي"، يدخل القلوب بدون استئذان.
ارسال تعليق