عندما اشتعلت حرب الدواعش والتكفيريين في سوريا، أدرك الشيعة والسنة من البلوش الغيارى ابناء محافظة سيستان وبلوشستان (جنوب شرق ايران) خطورة المخطط الاميركي الصهيوني المتحالف مع الرجعية العربية بالمنطقة لاحراق الحرث والنسل، فشحذوا الهمم وحملوا السلاح للتصدي لاعداء الدين والانسانية في تلك الأيام الصعبة.
سيستان وبلوشستان هي محافظة حدودية يقطنها المسلمون الشيعة والسنة وجذور هذا القوم تمتد لآلاف السنين في تلك الارض، شعب كريم وصبور ينتظرون رحمة السماء وغوثها لتروي أرضهم الصحراوية ، والقناعة هي ديدن هؤلاء الرجال الأشداء.
شارك اهالي سيستان وبلوشستان في الثورة الاسلامية ضد النظام البهلوي البائد في زمن القمع الدامي ، وكان مسجد مدينة زاهدان القلب النابض ومركز انشاء خلايا النضال ضد النظام الشاهنشاهي البائد في تلك المنطقة، وكان لرجال الدين الكبار المنفيين الى تلك المنطقة ومن بينهم سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي دور بارز في شحذ الهمم وقيادة امواج الثوار في سيستان وبلوشستان.
اول خلية من المجاهدين في سيستان وبلوشستان تألفت من 25 رجلا من القوات الشعبية في 2 يونيو 1981 وتوجهت الى الجبهات للتصدي لجيش نظام صدام حسين البائد وكانت تحت امرة القائد الشهيد والمجاهد الكبير مصطفى شمران وبعد انشاء لواء 41 ثارالله بقيادة الشهيد القائد والمجاهد الكبير الحاج قاسم سليماني (تالف هذا اللواء من القوات الشعبية في محافظات كرمان وسيستان وبلوشستان وهرمزكان) انضم المجاهدون البلوش من اهل السنة والشيعة الى هذا اللواء وسطروا الملاحم في ساحات الوغى ضد النظام البعثي العفلقي البائد.
وبعد انتهاء الحرب المفروضة على ايران في عام 1988 حافظ أهالي سيستان وبلوشستان على علاقتهم الوثيقة بالشهيد القائد الفريق قاسم سليماني وانضموا الى العمليات والحملة التي قادها الشهيد الحاج قاسم سليماني على الاشرار والارهابيين وعصابات تهريب المخدرات في جبال وصحارى جنوب شرق البلاد، واسفرت الحملة عن استباب الامن والاستقرار وافساح المجال امام تنمية المناطق هناك.
وحين اندلاع الحرب على سوريا وهجوم الجماعات التكفيرية قام قدامى المجاهدين البلوش وشبابهم بالطلب من القائد الشهيد الحاج قاسم سليماني للحضور في جبهات الحرب والتصدي للتيار التكفيري.
لم تقتصر العمليات والهجمات الارهابية والتكفيرية على منطقة خاصة بل كانت بمثابة انفجار كان يمكن ان تطال شظاياه كل العالم ، وكان هذا يكفي لكي لا يعرف الجهاد فرقا بين الشيعة والسنة ويتجه البلوش الغيارى من مناطقهم النائية والمحرومة نحو ساحات المواجهة لاطفاء النيران التي اشعلها الاميركان والغربيون والصهاينة والوهابية البغيضة.
تقدم البلوش في عام 2015 بطلب ارسالهم الى ساحات القتال وقدموا قائمة باسماء اكثر من 1600 متطوع وتمت دراسة ومناقشة الطلب وتقرر ارسال عدد محدود منهم أي حوالي 300 شخص للتدريب والتجهيز لايفادهم الى سوريا في شهر ديسمبر 2015.
وعندما حان موعد اطلاق اسم على فرقتهم يتم انتخاب اسم "نبويّون" المبارك لهذه الفرقة العسكرية المؤلفة من اهل السنة والشيعة البلوش الايرانيين لينضموا الى الفرق والالوية الاخرى التي تشكلت في العالم الاسلامي ومنها "زينبيون" و"فاطميون" و"حيدريون" لكن فرقة "نبويون" قليل ما تداولت وسائل الاعلام اسمهم.
المجاهدون البلوش من أهل السنة تكاتفوا مع اخوانهم الشيعة من اجل دعم محور المقاومة وخاضوا قتالا ضاريا في سوريا والى جانب الحشد الشعبي ، وان وحدتهم واخوتهم هي التي كسرت ظهر الاعداء.
في خريف عام 2015 توجه مقاتلو فرقة "نبويّون" نحو حلب السورية كما شاركوا في عمليات في تدمر في عام 2017. وكانت مشاركتهم في القتال في عمليتي "محرّم" و "نصر 1" ملحمة سطرها المجاهدون السنة والشيعة البلوش في سوريا ، وذاع صيت شجاعتهم وبسالتهم في جبهة المقاومة وأثاروا اعجاب الجميع.
المرحلة الثانية للذهاب الى سوريا كانت في عام 2017 وتحديدا في منطقة تدمر وأدت مشاركتهم الى تسجيل نجاحات اخرى ومتتالية لمحور المقاومة.
وتتلألأت اسماء شهداء فرقة "نبويون" مع اسماء باقي شهداء محور المقاومة، في سماء التضحية والفداء والشجاعة والرجولة، بعيدا عن اية اعتبارات مذهبية وطائفية فهؤلاء قدموا الى سوريا ودافعوا عن الاسلام.
ان انشاء فرقة "نبويّون" المتشكلة من المتطوعين السنة والشيعة من البلوش في محافظة سيستان وبلوشستان كان من بركات التآزر والتآخي وسطرت نصرا تاريخيا ، لقد تكاتف أهل السنة والشيعة في ساحات النزال أمام الدواعش والتكفيريين ورسموا لوحة رائعة من التآخي في هذه المرحلة من تاريخ أمة الاسلام المجاهدة.
ارسال تعليق