إعادة بناء مقابر البقیع، وهو إجراء یمکن أن یکون فعالاً فی السیاحة السعودیة

وإذا كانت الحكومة السعودية تسعى إلى استعادة هويتها التاريخية وخلق صناعة سياحية متقدمة وجاذبية إلى جانب الحج، فليس هناك طريقة وتأثير وبناء وهوية أكثر فعالية وإشراقا من قادة الثقافة والدين العظماء.

startNewsMessage1

وبحسب ما نقلته صحيفة عاشوراء نيوز نقلا عن مراسل مهر، بمناسبة الثامن من شوال، ذكرى تدمير باقي شريف حجة الإسلام، عبر حميد أحمدي عن هذه الأهمية، والتي نقرأها أدناه:

إن الأماكن الدينية والتاريخية والأماكن المقدسة، بالإضافة إلى أنها تعكس وتجلي أبعادها الروحية، والتي هي مصدر حيوية المجتمع وأمنه، هي أيضاً من علامات وأعمدة أصالة الثقافة والعظمة التاريخية والاجتماعية لكل مجتمع، وبالإضافة إلى ذلك فهي عامل مهم في الاستمرارية والتماسك الاجتماعي والثقافي. ولهذا السبب، تحاول كافة الحكومات والجمعيات الثقافية تسجيل وصيانة والتعريف بالأماكن الدينية والتاريخية، بما في ذلك دور العبادة ومقابر العظماء والناشطين الثقافيين والعلميين البارزين في تاريخ بلادهم ومجتمعهم، ويتذكرونها ويروجونها باعتبارها تراثاً ثقافياً وتاريخياً مادياً وروحياً لأمتهم وأرضهم، ويستخدمونها في بناء هوية جماعية وتاريخية وثقافية.

ولذلك، يعتبر المفكرون الصراع والتحدي ضد التراث الثقافي والمباني والأماكن الدينية والثقافية علامة على انعدام المعنى وأزمة الهوية في المجتمع.

إن تدمير المعالم الأثرية والتاريخية والثقافية للمجتمع تحت أي عنوان يدل على أن المجتمع يعاني من أزمة هوية 1 وسيصبح بلا شك أرضاً للانحطاط الثقافي.

وفي العالم الإسلامي، كان أحد عناصر الهوية الجماعية والتماسك الاجتماعي هو الأماكن الدينية والثقافية المستوحاة من تعاليم الوحي، مثل تقديس الكعبة وتكريمها وموقع إبراهيم بجوار الكعبة في القرآن الكريم وبين جميع المذاهب الإسلامية ويمكن فهمه من هذا المنطلق.

ولطالما حظيت هذه الأماكن بالاحترام والتكريم وزارتها مختلف شرائح المجتمع والمحلية من أجل الحيوية الروحية والاتصال العقلي بماضي وتاريخ البلد والأمة والدين.

وللأسف، مع انهيار الخلافة العثمانية بمؤامرة الغرب وغباء حكامها، سادت أزمة واسعة النطاق في العديد من مناطق العالم الإسلامي، والمؤسف أكثر أنه بدلاً من وضع خطة حكيمة للخروج من هذه الأزمة، أضيفت أزمات أخرى وتفاقمت مع مؤامرة الاستعمار، وأحال المستعمرون، بالعنوان الخاطئ، حل الأزمة إلى إزالة أعمال بناء الهوية والتراث وأجلوها إلى الهجوم على المقدسات والمقدسات الإسلامية. المعتقدات.

إن السطحية والتفكير السطحي لقلة من الناس، الذي أدى إلى التنحي جانبا ومحاربة الحكمة والفكر والعقلانية المنبثقة من العلوم المنزلة، قادهم إلى طرق خاطئة وخطوا خطوة أدت إلى تدمير وإزالة التراثات القيمة مثل الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، مثل البقيع شريف.

إن حكم فئة صغيرة ملتوية في الحجاز بمساعدة الحكومة الاستعمارية البريطانية، والذي أدى إلى تدمير معظم المعالم الثقافية والتاريخية والدينية في مدينتي مكة والمدينة، كان نتيجة لأزمة ذات معنى وهوية عصفت بالعالم الإسلامي. طارد الاستعمار فصل المسلمين عن خلفياتهم الشريفة وعواصمهم الروحية، ومن خلال استغلال المظهر الخالي من الروح، كلف الحكام العملاء والجماعات الفاسدة بتدمير وإزالة جميع الأعمال التاريخية والثقافية الفخرية. ولما كان الإمام الخميني (قدس سره) يعتبر الحكام الرجعيين مثل محمد رضا بهلوي وصدام والزعماء الرجعيين الإقليميين هم نفس المسار والمهنة، قال: "لا فرق... في اجتثاث الإسلام ومعارضتهم للقرآن، وكلهم خدام أمريكا ومسؤولون عن هدم المسجد والمحراب، ومسؤولون عن إطفاء لهيب صرخات الأمم المطالبة بالحق"2

وبنفس الطريقة، يعتبر الإمام الخميني الوهابية خنجراً للاستعمار على جسد العالم الإسلامي ويكتب: “إن هؤلاء الوهابيين الأشرار الذين لا يعرفون الله هم كالخناجر التي اخترقت قلوب المسلمين دائماً من الخلف”.3

ولذلك فإن من علامات أزمة الهوية في المجتمع، انفصال الأمة والمجتمع عن صفحات التاريخ المضيئة ونسيانه، وقد تم ذلك بدعاية واسعة النطاق وفعالة في المجتمعات المسيطرة بأدبيات تبدو دينية ورسم الماضي الوهمي.

وقال خامنئي في هذا الصدد: إن نظرة واحدة إلى الوضع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري الذي تعيشه البلدان الإسلامية اليوم ومراقبتها الروحية والمادية ومراعاة الأنظمة السياسية وحالة حكومات معظم هذه البلدان، حيث كل شيء يشير إلى الشعور بالدونية والعجز، يتبين أن أحد أهم أسباب هذا الوضع هو اغتراب هذه البلدان والأمم وانفصالها عن ماضيها التاريخي، والعزة والعظمة التي يشعر بها كل ضعيف، وقيادة اليأس إلى حركة وجهد يبعثان على الأمل.4

إن إزالة علامات الشرف والمجد وهوية الماضي، مثل مقابر ومعالم العظماء العلمية والثقافية والعلمية في البقيع وغيرها من الأماكن، التي هي المجد والعظمة التاريخية والتراث المشترك للأمة الإسلامية، هو سبب الحيرة والغربة.

تظهر مقابر السلياني في البقيع لسنوات احترام المسلمين من جميع القبائل تجاه الرجال والنساء العظماء من السلالة النبيلة والمثمرة لحياة الإسلام المشرقة. لقد كانوا شخصيات ذات مكانة نبيلة وشامخة في نظر الجميع وحماة للشرف الإسلامي، وكانت الأمة وثقافة الحضارة الإسلامية دائما مدينة لفكرهم المستنير. ولا يمكن تفسيره وتحليله إلا في هذا الإطار أن بعض السطحيين والضائعين في المجهول والجهل، كجنود الاستعمار، المتشبثين بأدبيات المونتسكين والمماطلين، اتجهوا إلى تدمير وإزالة أعلام الشرف والشرف المرفوعة، وكانت نتيجة ذلك اشتداد الخلافات الدينية وخلق الكراهية والكراهية. لقد كان طريق دخول الاستعمار والهيمنة الثقافية للأجانب حتى لا يكون في أقدس الأراضي والمقدسات أي أثر للمباني والأماكن المقدسة، ولا تجد عيون المسلمين الفاحصة أي أثر لهذه المآذن ضد الظلم والجهل ومنابر الشرف والشهادة والعلم. واسم هؤلاء الأولياء وبركاتهم الفكرية والروحية يتألق في عالم الإسلام وفي الأوساط العلمية. لذلك، أخذوا شكاواهم وكان لديهم مشكلة معنا.

وإذا كانت حكومة السعودية تبحث عن شرفها التاريخي وشرفها الوطني، فإن طريقها ليس التجول في البادية الجاهلة والمتحضرة وخلق سراب الإسلام الأموي وطائفة خلقها الاستعمار. الطريقة الوحيدة هي أن يكون لديك فخر علمي وإسلامي كبير.

وإذا كانت الحكومة السعودية تسعى إلى استعادة هويتها التاريخية وخلق صناعة سياحية متقدمة وجاذبية إلى جانب الحج، فليس هناك طريقة أكثر فعالية وتألقا ولفتا للنظر وشرفا من كبار قادة الثقافة والعلم والدين من آل وصحابة نبي الله والعلماء والشيوخ العلميين والثقافيين والدينيين. ولذلك فإن الحكمة والخبرة تقتضي أن الإجراء الأكثر ضرورة وإلحاحاً هو تكريمهم وإحياء ذكراهم، وهو أقل توقع لإعادة بناء الآثار التي دمرها جيش الجهل والسواد، الأمر الذي سيجلب ثقة المجتمع وإيمانه بالتحديث في سياسة وثقافة الحكومة المطالبة.

1- ر.ك: رجائي، الثقافة، جمعية سالم، العدد 24، 1374، ص. 17

2- كتاب الحج، المجلد الأول. 1، ص. 131

3- نفس الشيء

4- صحيفة الحاج، المجلد الأول. 2، ص. 63

 

ارسال تعليق