اتخذ الرئيس الاميركي دونالد ترامب، قرارا بعدم تمديد الاعفاءات النفطية المستثناة لثمانية من زبائن النفط الايراني، بهدف تصفير صادرات النفط الايرانية التي تشكل اقل من ثلث ميزانية الدولة، هذا القرار سيؤدي بلا شك الى إشكالات دولية وإقليمية نظرا لترابط المصالح الدولية وتعقيداتها.
ان القرار الاميركي وما شابهه من قرارات ضد ايران بهدف زيادة الضغط عليها، تجسد إنعكاسا لمدى الشعور المتخبط لترامب وإدارتة والمخاوف الصهيونية ومن يدور في فلكهم من مشيخات الخليج الفارسي، خصوصاً بعد المشاهد الميدانية التي فاجأتهم باستراتيجيات وتكتيكات عسكرية غير متوقة لساحة المعارك لجبهة المقاومة سواء في العراق وسوريا واليمن، حيث تكبد الحلف الصهيواميركي وبعض دول الخليج الفارسي مرارة المعركة، ومني بهزيمة تجاوزت كل حساباته الذهنية التي أنفق لها الكثير من الوقت والاموال لدراستها وتنظيمها، الامر الذي ادى الى انهيار دوافعه الداخلية.
إن انهيار الدوافع الداخلية لدى الحلف الصهيواميركي، أدت بالتالي الى اختلاط المسارات المرسومة لتنفيذ خطط إستراتيجية مستقبلية، وأصبحت خطواتها أكثر تعقيداً، ومستوى نجاحها النهائي أكثر إستحالة، من قبيل مخطط "الشرق اﻷوسط الجديد" بتقسيماته الجديدة وصفقة القرن لضمان امن الكيان الصهيوني وتسييده على المنطقة، وصولا الى حلف الناتو العربي الموجه بالأساس ضد ايران وجبهة المقاومة.
هذا الانهيار في الدوافع الداخلية، دفع الحلف الصهيواميركي الى اللجوء الى الدوافع الخارجية من خلال العديد من المؤتمرات التي يعقدها هنا وهناك، ومحاولات استقطاب أكبر عدد من الدول من خلال الزيارات المكوكية المكثفة لكبار المسؤولين اﻷميركان، وقرارات أخرى متفردة كاﻹنسحاب من اﻹتفاق النووي، وآخرها الحظر اﻹقتصادي الذي هو بحد ذاته ليس جديدا وانما جربته أميركا مرارا وثبت عدم جدواه. لكن هذه القرارات لها أثر عكسي قد يتسبب في حدوث كوارث اقتصادية كبرى، واضطرابات قد يمتد اثرها من الشرق الاوسط الى انحاء العالم كافة.
وبما ان قرارات ترامب هذه كانت متفردة وناتجة عن تخوفات صهيونية، ومهما كانت اسبابها ودوافعها، الا ان آثارها سلبية، قد تقود العالم الى حافة حرب عالمية ثالثة يتضرر منها العالم بأسره وليس فقط ايران، لذلك نجد ان الجانب الواقعي لهذه القرارات انها غير منطقية وغير مقبولة. وبناءً عليه فإن الغالبية سواء داخل اميركا او الغالبية الدولية، منزعجة من تهويلات وقرارات ترامب التي ستؤدي الى اﻹضرار بمصالح دول صناعية كبيرة تعتمد على النفط اﻹيراني، والتي تتصادم مع وجهة النظر الأميركية ذات اﻷهداف السياسية في تركيع الدول، وبسط نفوذها والهيمنة على مصادر الطاقة العالمية.
لذلك فإن توجه الحلف الصهيواميركي السعوإماراتي (نظرا لانضمام السعودية والامارات الى لعبة ترامب الخطرة باعلانهما الاستعداد لسد نقص النفط الايراني في الاسواق) نحو العنف من أقصر الطرق للإنهيار الذاتي مهما كانت توصيفاتهم، والمقدمات في حربهم النفسية عن قوة الجيش الأميركي والتقنية التكنولوجية ﻷسلحتهم وصواريخهم وطائراتهم، وإذا بلغ الجنون بترامب والكيان الصهيوني بالهجوم على إيران فلن يحظى بإستجابة دولية، وستنعكس آثارها عليهم بالخسارة المنكرة.
والتجربة التي خاضها هذا الحلف في حروبه في العراق وسوريا واليمن ونتائجها في هزائمهم المتتالية هي خير دليل من سيكون الرابح في النهاية. كما ان ايران اثبتت قدرة ومرونة عالية على التأقلم طيلة العقود الاربعة الماضية، بل قابلية على زيادة قوتها وقدراتها وتأثيرها الاقليمي والعالمي رغم كل الضغوط بدءا من الحصار والحرب وكل انواع الضغوط، ومن جرب المجرب حلت به الندامة!
ارسال تعليق