كشف مصدر بارز في حركة حماس تفاصيل استراتيجية المقاومة في صنع كمائن قاتلة للجيش الصهيوني، مؤكدا أن المقاومة تمتلك المبادرة.
وبحسب موقع عاشوراء نيوز، نقلا عن الجزيرة، نشرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مقطع فيديو يشرح تفاصيل الكمين القاتل الذي نفذه مقاتلو المقاومة الفلسطينية مؤخرا لجنود صهاينة شمال قطاع غزة.
وتأتي هذه العملية استمراراً للكمين القاتل الذي نفذه مقاومون فلسطينيون الأسبوع الماضي في بيت حانون شمال قطاع غزة، حيث هاجم مقاتلو المقاومة الفلسطينية جيباً عسكرياً للجيش الإسرائيلي باستخدام عدة أنواع من الأسلحة، ما أدى إلى مقتل وإصابة جميع من فيه بجروح خطيرة. وتم الإبلاغ عن عدة حالات بتر في صفوف الجيش الصهيوني.
وتعتبر قوة عمليات كتائب القسام في منطقة الحدود الظاهرة لجيش الاحتلال مثيرة للاهتمام للغاية، حيث أعلن جيش الاحتلال هذه المنطقة هدفاً لعملياته العسكرية منذ بداية حرب غزة.
وهذا يثير تساؤلات حول قوة كمائن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ويلقي في الوقت نفسه بظلال من الشك على مصداقية ادعاءات الجيش الصهيوني المتكررة بتدمير منشآت وقدرات المقاومة في قطاع غزة.
استراتيجية المقاومة في خلق كمائن قاتلة للعدو
وفي هذا السياق كشف مصدر بارز في المقاومة الفلسطينية عن الاستراتيجية الجديدة التي انتهجها المقاومون في مواجهة الجيش الإسرائيلي عقب استئناف الحرب في 18 آذار/مارس الماضي.
وفي حديث خاص للجزيرة، أعلن المصدر أن المقاومين استغلوا خبراتهم الطويلة في معارك الأشهر الماضية من الحرب، وبدأوا يتبنون سياسة الانتظار والترقب لاستهداف الجيش الصهيوني وإيقاع خسائر خاصة فيه.
وبحسب المصدر الذي لم يكشف عن اسمه، فإن الجيش الإسرائيلي حاول في الأسابيع الأخيرة تجنب المواجهة المباشرة مع القوات الفلسطينية، ورغم تدميره أكثر من 95% من منطقة بيت حانون في شمال قطاع غزة وتنفيذه غارات جوية وقصف مدفعي مكثف، فإنه لا يريد التقدم إلى هنا.
وأكد المصدر أن متابعة سلوك الجيش الإسرائيلي في ساحة المعركة تظهر أن الجيش حريص على منع وقوع أي خسائر في صفوفه، ولا يريد تكرار الخسائر المؤلمة التي تعرض لها في الأشهر الأخيرة من الحرب قبل وقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني الماضي.
في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2024 وحتى منتصف يناير/كانون الثاني 2025، أعلنت كتائب القسام عن تنفيذها سلسلة من الكمائن القاتلة في بيت حانون شمال قطاع غزة، ووفقاً للجيش الإسرائيلي، قُتل العشرات من جنود النظام في كمائن القسام.
وتابع المصدر البارز في المقاومة الفلسطينية: "إن قوة الكمائن العسكرية للمقاومة في بيت حانون تعود إلى أن مقاتلي القسام يعتمدون على وحدة نخبة متخصصة في رصد تحركات العدو والتخطيط الدقيق لاستهدافه في دائرة النيران في عملياتهم".
وأوضح المصدر: أن جيش الاحتلال ظن أنه من خلال إنشاء منطقة عازلة شمال وشرق بيت حانون فإنه يستطيع قطع وصول المقاتلين الفلسطينيين إلى بيت حانون، والسماح للجنود الإسرائيليين بالتحرك بحرية داخلها دون أن يتعرضوا للخطر. ولكن جيش الاحتلال لم يكن يتصور أن مقاتلي المقاومة الفلسطينية قد يهاجمون القوات الإسرائيلية من خلف الخطوط.
وما يقوله هذا المصدر المقاوم الفلسطيني يتوافق مع ما قاله أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام قبل أيام؛ حيث أكد أبو عبيدة: أن المقاومين يخوضون معارك بطولية ويصنعون كمائن مدروسة في طريق الجيش الصهيوني في المكان والزمان المطلوب، وهم على أتم الاستعداد لتنفيذ كمائن قتالية ودفاعية في مواجهة العدو.
وأشار المصدر المقاوم المذكور إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن حتى الآن من الوصول إلى الأنفاق الحربية التي حفرتها المقاومة في غزة، وأن كل ما يشاع عن قدرة الجيش على تدمير معظم أنفاق حماس ليس إلا كذباً، والوقائع على الأرض تثبت زيف هذه الادعاءات.
وأضاف: "أصدرت الأوامر للمقاتلين المتواجدين في الميدان بتصوير وتوثيق كافة العمليات العسكرية ضد قوات العدو، وذلك لفضح الخسائر التي لحقت بجيش الاحتلال داخل غزة، ودحض الروايات الكاذبة التي يروجها الصهاينة لجمهورهم، وإبراز نجاحات المقاومة وقدرتها على السيطرة على الوضع".
ويتولى حسين فياض، قائد كتائب القسام، مسؤولية العمليات العسكرية في بيت حانون. وظهر في مقطع فيديو خلال وقف إطلاق النار، متحدثاً عن الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي وهزيمة النظام في غزة. وقال إن الصهاينة لم يحققوا أهدافهم المعلنة، وهذا يدل على فشلهم الاستراتيجي.
يُشار إلى أنه في مايو/أيار 2024، ادعى الجيش الإسرائيلي أنه نجح في اغتيال حسين فياض في غارة جوية شمال غزة، إلا أن هذا الادعاء ثبت زيفه فيما بعد.
من جهة أخرى، قال الخبير العربي في الشؤون الأمنية والعسكرية للنظام الإسرائيلي رامي أبو زبيدة في مقابلة مع الجزيرة: "رغم مساحتها المحدودة التي لا تتجاوز 12.5 كيلومتر مربع، فإن بيت حانون تشكل ساحة مهمة للمقاومة في مواجهة العدو الصهيوني في غزة". لأن بلدة بيت حانون تقع بالقرب من السياج الأمني الشمالي والشرقي لقطاع غزة.
وقال: "هدف المقاومة هو إلحاق أكبر ضرر بصفوف الجيش الصهيوني وإنهاء سيطرة الاحتلال على المناطق التي يحاول جيشه ترسيخ وجوده فيها". وتظهر العمليات الأخيرة لكتائب القسام أن المقاومين بادروا إلى استهداف المحتلين وزيادة تكلفة استمرار تواجدهم داخل قطاع غزة، ووضعوا الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وتوتر دائمين.
ارسال تعليق